رسالة إلى امرأة مجهولة37..!!
...........................................
إليك وأنا أستشرف طلة العتاب..
على أوراق رسالتي هذه..
يصمت القلم قليلا..
يقف الحبر دقيقة حداد..
في محراب وجعي..
جعبة ممتلئة عن آخرها من الشكوى..
لم ترصد أحداثها سطور الحكايا التي كتبت..
بقايا حلم تبلد مع عقارب زمن تحجرت دقاته..
وبقايا معبر متهالك نحو بوح لم يكن على ذمة الأحياء..
وهمس غاف..
على كتف غريب..
لست أدري..
أأنا الغريب؟!..
أم أن العتاب ما عاد يشبهني..
ولم أعد أدري أأنا الذي تاهت منه الوجوه؟!..
أم تهت في غمرة ارتحالي وغطى الضباب معالمي وتقاسيم وجهي..
فما عادت عيونهم تراني وتبصرني..
وبدل الزمان خرائطي وغير اتجاه الأمنيات..
أسمع صرير القلم..
من عمق باطني..
شهقة خافتة..
أود لو تحكيك يوما للأوراق..
بأنامل نال منها الإرهاق..
وكف مخضبة بأبجدية لا تجيد سواك..
ولكنه التعب..
ينهك مضغة تمنيت ذات مرة لو كانت محض قطعة من حجر..
تمنيت لو كان بين الضلوع جلمدا بدلا منها..
ذات خذلان..
تمنيت أن يمنحني أحدهم ذاكرة تصدأ أو يعتريها النسيان ولو عارية مستردة أمتطيها إلى عالم اللا تذكر لأنسى..
أوحلما لم يواجه الفشل..
وأمنيات لم يضربها إعصار الغدر..
ولو على سبيل الإفتراض..
ولكنهم بخلوا علي وكأنه وزر بني آدم مكتوب بين أعيني لأمارس طيلة العمر تأدية كفارته وما وفيت..
مكتوب علي أن أمارس الخطيئة قابعا في سرداب ذكراك طيلة الوقت..
وأؤدي كفارة الذكرى ذكرى..
أيضا طيلة الوقت..
ليحتل الذنب والكفارة الوقت معا دونما تبادل..
فهل رأيت في عرف الورى أغرب من أن يحترف أحدهم الخطيئة والتوبة معا؟!..
أنا يا سيدتي..
بقايا بعثرة وأنين ومرسوم طويل للشكوى..
أوقد شموع الخيبة واحدة تلو الأخرى وأحترق معها وهي لا تنضب..
أسرج قناديل فشلي على بقايا طيفك..
ليحتل السراب قائمة حقائقي..
أسري إليك في رحلة دابتها الذكريات وزادها وقود السهد والأرق..
يلتهمني العرق..
ويلجمني طول المفازة التي يتوجب علي قطع شعابها وصولا إلى نقطة تلاق زعم خيال مزدحم بك أنه يكون يوما..
يمضي النهار على قيد التيه..
ويعقبه ليل لم أدرك من طول ساعته سوى امتلائي فشلا..
أعرج إلى سماءك البعيدة..
أنزف آخر رمق من الصبر..
بإحدى يدي كاسات خيبتي عن آخرها ملئى..
وباليد الأخرى كأس صحو فارغة..
ضعيفة هشة مزق الظمأ روح الحياة فيها..
أبحث عن موعد للراحة..
وعن مكان لأضع الرحال..
ليخبرني علم الإنتظار..
أن الأماكن كلها قد امتلأت ولا مكان فيها لغريب مثلي..
وأن المواعيد كلها أجلت لأجل غير مسمى..
ببساطة لأن الأسماء انتهت..
أو ربما هي الأبجدية في سربال العصيان رفضت أن تمنح ذلك الأجل اسما..
أو تمنحه هوية أن يكون ولو بعد حين..
وقالت ساخطة:-----
تتهمونني وأنا أبسط لكم راحي بحروفي الثمانية والعشرين كالزرع في وقت الثمر..
أينعت الحروف ودنا موعد القطاف سيدتي..
لكن في زمن البوار تأبى أرض الكتابة أن تنتج اسما لموعدي..
وصرخت في كفي قائلة أيا هذا..
(ما أخلفنا موعدك بملكنا)..
لكنه سامري الذهب..
أذهب عقل المداد وغره فما أبدى الإستعداد وما كتب..
أيا غائلا في غيه أترجو من غصن يابس نضارة..
أو يسري الدم بذي خشب؟!..
فهل يسري الدم في الخشب سيدتي؟!..
لتعود إليه الحياة بعدما يبس وتصلب؟!..
هو سؤالي السابع والثلاثين تسوقه إليك سطور هذه الرسالة..
ولست أنتظر الجواب..
لكني أقرع به أبواب نفاذ الحبر لعله يرق فينضب معينه..
ليموت هو أو أرتاح أنا..
إنتهى..
...........
بقلمي..
كريم خيري العجيمي