الرسم بالبيان // الشاعر الصادق الهلالي

الرسمُ بالبيانْ    

  الشاعر الصادق الهلالي   

مَنْ ينْحَتُ القَوافي، شاعرٌ لا يَشيبْ

 فلاَ الزمانُ ولا المكانُ يأْسَرُ النَّـسِيبْ 

فالرّسمُ بِـبَيِّنِ الأشْعارْ، تَشَبُّبًا بالحَبِيبْ 

لا يراه الشّاعر كنقشٍ أو رَسمٍِ بالألوانْ

ويَكُ بالقلبِ حِسًّا، لا يعرفُ النِّسيانْ

لنَرسُمِ الحَمِيمَهْ بِحُلْوِ البَيَانْ بريشَةِ فنّانْ 

نُخلِّدُها لتبْقَى، قصيدةَ ناظم موهوبْ 

تُحيِّرُ النفوس،َ تُلهِمُها الحُبَّ والصَبَابهْ 

بجمال دَلِّها، ودَلالِها المُمَيّزِ الموْهوبْ 

نَصِفُها بالكَسْلى... كأحسنِ ما يكون

 تتمَطّى، تتثنَّى، فَكِهةً مغازِلةً طَرُوبْ

 لبؤةٌ دسمَهْ ، ولكنْ بخِصْرِها ضُمورْ 

مُتنبّرٌ صدرُها ،ناهدةٌ متحفِّزة كَعوبْ

 ناعمةُ الأطراف ِ: لم تَشْقَ في عمَلْ

 جميلةُ القوامِ ، لَمَاهَا كالعَسَلِ يذوبْ 

عند وَصْفِها بالحُسْنِ،  وبعينيِّ أديبٍ

بذوقٍ وافتنان،ْ وهذا للشاعرِ منسوبْ 

نَصِفُ الخليلهْ: جميلة، بحِسِّ الشُعراءْ 

 تُسَعِّرُ النِّيرانَ ، في قلبِهِ المَغْلوبْ

 فالسِّرُّ في عينيْها ، بَحْرٌ بلا قرارْ

 يَجري في العروق كذَهَبٍ مسْكوبْ

 كلُّها، تِيهٌ وَجَمالٌ :  الأنفُ والخدودْ 

عندما تهِلُّ ،  ترى المُحبَّ هَاذِيًا مَسْهوبْ

 بعَينَيْها غُنْج،ٌ شفتُها وَردِيّه،ْ ريقُها نَبيذْ

 بجِسمِها طلاوهْ، تُبْقِي عقلَهُ مسْلوبْ

 شَعرُها ظَلِيلُ ظِلٍّ ، ينْسَابُ  كالحرير

 يَتَدثّر فيهِ الْوَجْه،ُ تائهًا، ثَمِلاً  صَبوبْ 

جِيدُها دافِئٌ دَفِيءٌ ، مَوطنُ الغَريبْ 

يلجأ لهُ عِنْدَ كلِّ ريحٍ، لوْ ثَمَّةَ هبُوبْ 

غابةٌ فيحاءُ غَضّةٌ سَنِيّهْ، تِلالُها نَديّهْ 

للنّزههْ والسِّياحَهْ ، جَميلةُ الدُّرُوبْ 

عارِضَاها قصْرٌ فَخْمٌ ، شَيَّدَهُ الغرامْ 

فلْتَحْمِها الأقدارُ ، هدِيّةُ المَحبوبْ 

صوتها خَميلٌ ،  تغريدةُ الصّباحْ 

لبُلبُلٍ صدّاحٍ ، في زَمَن الحروبْ

 يُحِبُّ أنْ يُغَنّي ، بشوقٍ واشتياقْ

 قبْل فَناءِ الكوْن ، في زمنٍ كذوبْ

 ليُحْيِي في القلوبِ: مَحبّةً وشوْقا 

ويَبْعثْ فينا الرُّوحَ، فعَقلُنا مسْلوبْ 

رشيقةُ المُحَيَّا والقَوَامِ، حُلْوَةً ضَحوكْ

 فراشةٌ لا تخافُ، بَريئَةٌ، تنْقَاُد للّهِيبْ

 حمِيدَةُ السّرائرْ، هَوِيٌّ، وحُبُّها مَكْتومْ 

تراها: تارة تُعانقْ ، وتارة غَضُوبْ  

تزورُ مَنْ تُحبّ ، في العَلَنِ والسِّرِّ 

وطَيْفُها يُهَدهِدْ ، صباحًا وغُرُوبْ 

تنْدَسُّ في الأحْلامِ ، وَبِيَدَيْها وَرْدٌ 

إنّها الحقيقهْ ، فالشِّعْرُ بلسَمُ القلوبْ

                 الشاعر الصادق الهلالي