بعض الماء قبل الذبول!
أتت خريفا.. هزيعا.. ساعة احتياج مزمن لصوت ملاك ينتشلني من عتمتي الأزلية التي استطالت..
منحتني ذلك الشذى، استنشقته حتى تضخم الحلم في جوفي وطغى على قيود الروح..
تركتني أحلق في مدار الذات ثم أشاحت عن الدنيا بوجهها النور.. أسدلت السحابة القاتمة ولم تعد مرة أخرى..
والسحابة لم تمطر والنور لم يظهر والشمس تعتزل الشروق منذ ذلك الخريف..
تلمست ذات مساء القنينة التي شربت منها عليِّ أجد بعض بصمات روح أناملها..
لكنها لم تكن تحمل سوى ذات النقش الذي اشتريتها به..
عانقت الأريكة التي حدثتني وهي تتكئ عليها حين تلت عليّ تعويذتها..
عسى بعض عطرها قد بقي..
لكن الأريكة لم تكن سوى ذلك الخشب الذي استجلبوه من الغابة القديمة..
رميت بجسدي على الستارة الخلفية..
قد يكون هناك شئ من الصدى علق بها أثناء حديثها وهي تنظر إلى السماء من النافذة..
لكن الستارة كانت صماء تماماً..
ورودها كانت تنظر إليّ ذات النظرة التي كانت قبل أن تأتي..
نظرة استجداء بعض الماء قبل الذبول!
حتى النافذة كانت تئن بأزيزها الأول المبحوح المجروح دون أن يخالطه أي صدى عابر..
لم تترك أثرا في المكان.. بعد أن بثت في جوفي الخالي أمل التجوال بين حقول الأمل أقطف أحلامي وأحصد اليقين القديم..
ظللت كل خريف أتطلع إلى السماء..
قد تأتي هذا الخريف.. ربما تأتي مع الخريف القادم..
ظللنا أنا والهزيع والخريف..
ظللنا رفاقا يشتد حميمنا عند ساعات الاحتياج المزمن لملاك ما ينتشلنا من عتمتنا الأزلية!
29/8/2018
نزار حسين

Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire