الكهف المسحور
شعر : حسام الدين فكري
..............
كَعُصفور فوق وريدٍ
أتلّهفُ إلى الشِريانِ
كَنَار تحت رماد
أتحرّق إلى لمسة دفء
كورقة اصفرّت من الغُبار
أتوقُ إلى سحابةٍ مُمطرةٍ
أنا في كهفٍ بعيدٍ
لا أحد يراني
إلا نفسي الأخرى
التي تنعكسُ على صفحةِ الماءِ
في منفاي الاختياريّ
كُلّ أدواتِ الحُبّ بين يديّ
هُنا دفقات من حنانِ
لا يُشبه حنان البشرِ
يسيلُ كالزُبد
فوق كِسرة خُبزٍ ناعمةٍ
هُنا رَشَفَات من سِحرٍ
لا يُشبه سِحر البشَرِ
يخترقُ الغيوم
ويفتحُ أبواب المعجزات
هنا عالمٌ موازٍ
فيه كائناتٌ أخرى
ولغُاتٌ أخرى
ورؤوسٌ لا تتغذي
على أخبار الآخرين !
لم أجدُ نفسي على سجيتها
إلا هُنا
لم أعُد في حاجةٍ إلى التجمّل
ولم أعُد أعرفُ مَذاَق الزيفِ
ولم أُشاهد شخصاً يتملّق آخر
مُنذُ زَمَنٍ بعيدٍ !
هُنا الزَمَنُ أيضاً
لا يسيرُ بعقارب الساعة
هُنا زمنٌ آخر تماماً
زمنُ الذي ألقوا
عُقولهم المُشوّهة
خلف ظهورهم
وانطلقوا إلى فضاءٍ
لا يعرفُ الحُدود والحسابات
والترتيب والتنميق
فضاءٌ كُنّا نحلمُ به
في صِبانا
وما رأينا منه حين كبرنا
إلا ماجعلونا نراه
بأعينهم هُم
تلك العُيون التي يُدهشنا
طوال الوقت
أن نراها
دون أن ترانا أبداً !!
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire