mardi 31 mars 2020

ديار الفرات / الشاعر المبدع طارق المحارب .

طارق المحارب ..
30/3/2020

ديار الفرات ..

ليْ فيكِ  ذكرى و تَرحالٌ و آثارُ
و العمرُ للمرءِ إقبالٌ و إدبارُ

يا جنَّةً حولَ ماءِ الخيرِ أورثَها
جُوداً وطِيباً أُناسٌ فيكِ أحرارُ  !!

أهلُ الفراتِ منَ التَّاريخِ منبتُهمْ
كالتُّرْبِ فيهِ نما وردٌ و أشجارُ

مذْ أينعتْ لمْ يزلْ حَمْلٌ لها شمماً
تُذيعُهُ في نواحي الأرضِ أخبارُ

يغدو النَّسيمُ شذىً كالطَّيرِ يعبرُها
جناحُهُ العطرُ و الأنفاسُ أزهارُ

أرضُ الكرامِ كماءِ النَّهرِ جُودُهمُ
يجري الفراتُ و تُجري زادَها الدَّارُ

و الدَّيرُ فوقَ الرِّمالِ السُّمرِ ناهضةٌ
تسخو فتبعثُ منها النُّورَ أقمارُ

على الضِّفافِ ترى حينَ الرَّبيعُ أتى
جمعَ الأُصَيحابِ و الآفاقُ أطيارُ

و الماءُ والزَّرعُ و الأفنانُ راقصةٌ
و النَّاسُ كلُّهمُ في الرَّبعِ سُمَّارُ

شاميَّةُ الشَّامِ بعدَ النَّهرِ زاهرةٌ
و في الجزيرةِ قبلَ النَّهرِ أنوارُ

وفي القناديلِ منْ قُدْمِ الزَّمانِ خُطاً
للمجدِ سائرةٌ و المجدُ سيَّارُ

و البوكَمالُ بوَفْرِ النَّخلِ زاخِرةٌ
و الجُلَّنارُ على الرُّمَّانِ مِعطارُ

قدْ كانَ لي في بواديها خُطاً درستْ
و رسمُها في شغافِ القلبِ تَذكارُ

و الصَّالحيَّةُ قُرْبَ الماءِ يكتبُها
طِينُ اليراعِ و حِبرُ الطِّينِ مِعمارُ

حضارةٌ لا تزالُ الرُّوحُ تُكسِبُها
عيشاً و فيها حكاياتٌ و أسرارُ

قدْ شيَّدتها أيادٍ للبناءِ أتتْ
منْ بابلٍ فهْيَ أسواقٌ و أسوارُ

حتَّى غدتْ منذُ ذاكَ العهدِ فاتنةً
يدقُّ أبوابَها  للقربِ أصهارُ

مرَّتْ عليها عهودٌ و هْيَ عامرةٌ
والدُّورُ كالنَّاسِ آجالٌ و أعمارُ

وفي الرّصافةِ لو طالعتَ أسطرَها
لاصطفتَ فيها كما صحبٌ لها ساروا

هذا هشامٌ على مَرْجٍ بها اضطجعتْ
ضِحكاتُ خُدَّامِهِ و الحُسْنُ يُختارُ

و المجلسُ المُستظِلُّ الدَّوحَ يغمرُهُ
إشراقُ عِلْمٍ و آدابٌ و أشعارُ

رقَّ النَّسيمُ فطبعُ المرءِ مُنهمِكٌ
بالنَّظمِ والرَّقَّةُ الخضراءُ مِزمارُ

غنتْ بألحانِها ما كانَ يُطربُنا
و الماءُ عذبٌ و جنَّاتٌ و زُوَّارُ

يا جنَّةَ اللؤلؤِ البرَّاقِ خالطَها
رملُ الصَّحارى و جادتْ فيكِ أمطارُ  !!

فالتِّينُ شَهدٌ وزيتونٌ و فاكهةٌ
منْ حولِها قدْ أعاقَ الرِّيحَ صَبَّارُ

يا أيُّها الرَّبعُ يُسْرُ الحالِ بُغيتُنا
و لو عراكَ بصبحِ اليومِ إعسارُ  !!

غداً ستُشرقُ شمسُ الكونِ جامعةً
أهلاً و إنْ باعدتْ في الأهلِ أسفارُ

همْ عائدونَ إذا عادتْ بهمْ سُفنٌ
و سُنَّةُ العيشِ إذهابٌ و إحضارُ

ما غابَ في البحرِ بحَّارٌ و جاوزهُ
إلَّا و عادَ بهِ للأمِّ  إبحارُ

قدْ أُرضِعَ الحُبَّ و التَّحنانُ شيمةُ منْ
شفَّ الفراتَ و فيهِ الدَّمعُ مِدرارُ

و الشَّوقُ للخبزِ في التَّنُّورِ مُتَّقِدٌ
و حولَهُ الدِّف ءُ تنفي بردَهُ النَّارُ

بقلمي ..

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire