الشاعر محمد أبو مديم / * حيُّوا الجَزائِر *

الشاعر محمد أبو مديم

* حيُّوا الجَزائِر *

حَيُّوا الجَزَائرَ فِي حُبٍّ تُحيَّينَا
مِنَّا السَّلامُ وَمِنْهَا المَجْدُ يُحْيِينَا

هذِي بِلَادٌ سَمَتْ أَحْرَارُهَا شَرَفًا
كَانُوا جُنُودًا إلى الأَمْجَادِ ساعينَا

صَانُوا عُهُودَ الوَفَا فِي جَوفِ أَفْئِدَةٍ
لا تَعْرَفُ الخَوْفَ مِنْ سَيفٍ يُعَادِينَا

سَمَوا نُجُومًا وَفِي العَلْياءِ مَسْكَنُهُم
يُضْحُونَ فِي شَمْسِ إعْزَازٍ تُغَادِيْنَا

رَامُوا المَعَاليْ بِقَلْبٍ هَائِمٍ لَهجٍ
وَخَلَّدُوا الفَخْرَ تَارِيْخًا يُعَلِّينَا

ثَارُوا بِوَجْهِ عِدَانا فِي صَدَى لَجِبٍ
فَاهْتَزَّتِ الأَرْضُ وَازْدَانَتْ رَيَاحِينَا

سَلُّوا السُّيوْفَ مِضَاءً فِي مَعَارِكِنَا
فَوَارِسٌ أَقْبَلُوا فِي وَجْهِ عَادِينَا

سَلُوا فَرَنْسَا عنَِ الثُّوَارِ مَا فَعَلُوا
يَوْمَ العِرَاكِ بِحَدِّ السَّيفِ تَحْصِينَا

قَدْ طَوَّقُوا جُنْدَهُم مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ
وَشَيَّدُوا العِزَّ أَبْرَاجًا بِمَاضِينَا

فَانْفَلَّ جَيْشُ فَرَنْسَا مِنْ صَوَارِمِنَا
وَفِي سَمَاءِ العُلَا لَاحَتْ أَمَانِينَا

وَلَحْنُنَا كَانَ أَنْغَامًا نُرَدِّدُهَا
آيَاتُ نَصْرٍ تَغَنَّتْ فِي مَعَالِينَا

هذِي الجَزَائرُ أَرْضُ المَجْدِ شَامِخَةٌ
فِيهِا الفَرَنسيسُ قَدْ ذُلُّوا مَسُوقِينَا

فِيهَا القُصُورُ وَجَنَّاتٌ ببَسْكَرَةٍ
زَهَتْ جَمَالًا وَحُسْنًا لِلْمُحِبِينَا

أَزْهَارُهَا خَوْدُ حُسْنٍ لَسْتُ نَاسِيَهَا
يَصْبُو لَهَا القَلْبُ فِي حُبِّ المُشَوَّقِينَا

هذِي عَرُوسُ الهَوَى وَهْرَانُ سَاحِرَةٌ
فِيْهَا القِلَاعُ وَبَيْتُ البَايِ يَأْوِينَا

وَتَلْمَسَانُ زَهَتْ فِي العِشْقِ لُؤْلُؤَةً
تَلَأْلَأَتْ فِي بَهَاءٍ كَانَ يُغْرِينَا

وَلَوْ تَغِيبُ عنَِ الأَرْوَاحِ أَنْدَلُسِي
فِي تَلْمَسَانَ غِنَاءُ الرُّوحِ يُحْيِينَا

هذِي قُسَنْطِينَةٌ بَانَتْ قَنَاطِرُهَا
أَقْوَاسُ وِدٍّ بِعَيْنِ الشَّوْقِ تَرْمِينَا

وَكَمْ جُسُورٍ بَنَيْنَاهَا مُعَلَّقَةً
تَزْدَانُ بِالفَخْرِ قَبْلَ الحُسنِ تَزْيِينَا

يَا زَائِرًا قَدْ سَبَتْ عَنَّابَةٌ خَلَدِي
أَوْصِيْكَ جَوْهَرَةً فِي الشَّرْقِ تُسْبِينَا

فِإنَّ أَنْغَامَ حُبِّي فِي مَحَاسِنِهَا
كَانَتْ لُحُونًا تُزِيْدُ الدُّرَ تَحْسِينَا

وَاحْمِلْ سَلَامِي إِلَى أَرْضٍ قَبَائِلِهَا
قَدْ أَوْثَقُوا العَهْدَ إِخْلَاصًا وَتَأْمِينَا

فِيهُم أَمَازِيْغُ فَخْرٍ مِنْ فَوَارِسِنَا
عَاشُوا رِجَالًا حِرَارًا فِيْ نَوَاحِينَا

أُوْصِيْكَ وَاحَاتِ فَيْفَاءَ بِمُزْهِرَةٍ
مِنْ غَرسِْ أَجْدَادِنَا صَارتْ بَسَاتِينَا

فِيْهَا الكَرَامَةُ دَارًا نَاهَزَتْ كَرَمًا
جَادَتْ عَلَيْنَا جُوْدًا مِنْ أَهَالِينَا

هذِي الجَزَائرُ عِشْقٌ جَالَ فِي خَلَدِي
مِنْ بَادِئِ الدَّهْرِ نَحْمِيهَا وَتَحْمِينَا

مَهْمَا كَتَبْتُ فَلَيْسَ الحَرْفُ يُسْعِفُنِي
أَرْضُ الشَّهَادَةِ بِالمِلْيَونِ تُحْيِينَا

*********
محمد أبو مديغم
فلسطين
بحر البسيط

تغادي / غَادَاهُ : باكره
راموا: طلَبوا ، رغِبوا ، أرادوا
لهج : بقلبٍ ولوع
لَجِب : صوتُ العَسْكر
اهْتَزَّتِ الأرْضُ : أَخْصَبَتْ وَأنْبَتَتْ
العَادِي : العَدُوُّ
انْفَلَّ جَيْشُ العَدُوِّ : انْكَسَرَ، انْهَزَمَ
الفَرَنسيس : أجناس فرنسية وغيرها غزت شمال إفريقيا
بسْكَرة : مدينة جزائريّة يكثر فيها النَّخيل
الخَوْدُ : الشابَّةُ النَّاعِمَةُ الحَسَنَةُ الخَلْق
وَهران وتلمسان : مُدن جزائريّة
قُسَنْطِينَة : مدينة جزائريّة تتميّز بحسورها المعلّقة
قَنَاطِر / القَنْطَرَةُ : جسر مُتَقَوِّس
عَنّابة : مدينة جزائريّة لقِّبت بجوهرة الشّرق
دُرّ : اللُّؤْلُؤ
حِرارٌ : جمع حُرّ
فيفاء : صحراء