أمنيات مسروقة..!!
---------------------
وقت أن كنت معك..
كانت تتضاءل في عيني قيمة الأشياء..
والأحداث..
والأماكن..
ودونك..
كنت دوما مجرد مساحات شاسعة من التيه..
وأرجوحة طفل تلهو بها الريح في ليلة عاصفة..
ممزقة أوصالها..
ومبعثرة مكوناتها..
أستمطر في صمت الليل..
تمايل الجذوع..
وحفيف أوراق الشجر..
حينما تلطمها رياح الخريف..
صوت آخر ضحكة من زمن ما قبل الوجع..
ترددها أذني كورد صلاة لعابد في جوف صومعة..
يرى في ورده ما يسد رمق تقواه ويقيم صلب عبادته..
ويشبع بطن خشوعه..
تماما كما كنت أكتفي بك عالما تلبي كل احتياجاتي..
أستحضر بقايا طفولة سرقت..
وصورة حلم في سن الصبا هزمه الخذلان..
وبضع أمنيات خلقة الثياب تدثر بقايا خافقي بعدما نهشه ذئب الألم وأعمل فيه مخالبه..
وأنا ما زلت أصعد درج اللهفة بروح ظامئ..
،إصرار مقاتل..
،إخلاص تقي..
،زهد ولي..
،اشتياق عاشق..
،شرف معاهد..
،حماقة أرعن..
وتسرع آدمي..
ألم يقل في الكتاب(وخلق الإنسان عجولا)؟!..
لتموت خجلى على أعتاب صدك الحروف..
وهي تسطرك آخر مواسم الخيبة في موعد الحصاد.. وقد أينعت بين أجفاني سنابل الدموع..
واكتملت وآخر إلياذة للبحر قبل موعد الطوفان..
أقرؤك أقصوصة من زمن المديح..
وأسطر قصائدي في جوف ملامحك..
وتعاريج أوردتك..
ونبوءة خطوط كفيك..
وأكتبك آخر حكايا الانتماء في رحم أعماقي لتنبت معالم الوطن..
آخر رثاءات الليل الحزين..
أتلوني آخر مزامير الشوق في زمن التنائي..
يعبث بي التوق..
يشغفني إلى آخر رشفة في كأس الظمأ..
لأرتوي من غيابات الجب المالح..
أتفقدني بقايا..
هي كل ما بقى مني..
وعلى معبر الناي..
موقوفة..
آخر أغنيات الصبح البعيد..
وطلة العيد بعد طول غياب..
بتهمة العزف للنبض الحزين..
حياة لمن لا جدوى من حياته..
تشجي سمعي الأصم..
ودوي الحنين في أضلعي آخر فصل من رواية الخريف العائد..
والربيع المسافر على وعد بعدم العودة..
وشعاره أن(أوفوا بالعهود)
وحبة مطر نابتة في طرفي..
تتشقق لها تربة الوجع..
وترسم من وجهك آخر لوحة لخريطة الأسى..
قبل اندثار الذاكرة..
وتخمتها بك تجاوز حد الامتلاء..
وعلى موعد النسيان..
خزانة قديمة وجعبة ذكريات..
وأرفف متربة..
تتمرد على الرضوخ..
وبوق صمت يقول..
إنته..
فقد مضى زمن الوصال..
في ثوب ضحكة مسافرة..
حلم ضائع..
أمنية مسروقة..
وبقايا طفولة فضت بكارتها..
لتشيخ قبل الأوان..
وهذا العصر ما عاد للأولياء..
بعدما نصبت العروش للأبالسة..
وتجار القلوب..
رفع القلم..
وطويت الصحيفة..
وجف المداد..
وثارت المحابر..
وكل حلم بعد إعلان الثورة باطل..
والحكم الإعدام جلدا..
أو التغريب حد الموت..
لتنبت فوق جثة الحلم..
حياة أخرى..
،أحلام أخرى..
،أمنيات أخر..
بعدما أورق الوجع في أجسادنا وأينعت ثماره..
واتسعت رقعته لتشمل كل رطب ويابس فينا..
وموسم حصاد لأيد لم تزرع..
فمن خلق للكد والشقاء..
غير من ولد ليحصد الذهب..
عابرا على جثمان من تجرع كئوس المرارة والنصب..
ومات وفي كفيه بقايا ابتهال..
ويد مرفوعة كل مساء..
ودعوات لم تجز فوق رأسه..
لتفتح لها أبواب السماء..
وتطلب بها عطايا من شح..
لكف من بح..
وهو ينادي قلبا أصم..
ففيم العجب وكل الأمنيات..
قد سرقت..
والأحلام قد سجرت..
والعشق صورة الجحيم..
وفيم العجب إذا كان المسروق..
هو السارق..
هل يبقى محل للعجب؟!..
فلتجب!!!!!..
(نص موثق)
النص تحت مقصلة النقد..
....................
بقلمي العابث..
كريم خيري العجيمي
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire